لماذا لم يتقدّم اقتصاد كفرشيما خلال السنوات الخمس عشرة الماضية؟

مقال تحليلي يطرح أسباب بقاء اقتصاد كفرشيما شبه ثابت خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، متناولًا غياب الرؤية الاقتصادية، هجرة الشباب، ضعف الاستثمار، وتراجع الثقة، مع دعوة لفتح نقاش جاد حول مستقبل الاقتصاد المحلي.

اقتصاد بلدة كفرشيما: بين الواقع اليومي وتحديات الغلاء

Kfarchima Community Team

12/14/20251 min read

عند النظر إلى المشهد الاقتصادي في كفرشيما خلال الخمسة عشر عامًا الماضية، يلاحظ كثير من أبناء البلدة أن الواقع لم يتغيّر كثيرًا. المحلات نفسها تقريبًا، الأنشطة التجارية ذاتها، فرص العمل محدودة، والقدرة الشرائية في تراجع مستمر. السؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا بقي الاقتصاد شبه ثابت رغم مرور كل هذا الوقت؟

أول الأسباب يعود إلى غياب رؤية اقتصادية محلية واضحة. خلال السنوات الماضية، لم تظهر خطة فعلية طويلة الأمد تهدف إلى تطوير الاقتصاد المحلي، أو خلق قطاعات جديدة تستوعب الشباب وتحرّك عجلة الإنتاج. بقي الاقتصاد محصورًا في التجارة الصغيرة والخدمات التقليدية، دون أي انتقال حقيقي نحو مشاريع إنتاجية أو مبادرات حديثة.

ثانيًا، الاعتماد المفرط على الاقتصاد الاستهلاكي. معظم النشاط الاقتصادي في كفرشيما قائم على البيع والشراء فقط، لا على الإنتاج. هذا النوع من الاقتصاد يبقى هشًا، ويتأثر سريعًا بالأزمات وبتراجع القدرة الشرائية، ولا يخلق قيمة مضافة حقيقية للبلدة. ومع كل أزمة اقتصادية تمرّ بالبلاد، يتقلّص هذا النشاط أكثر، دون بدائل جاهزة.

ثالثًا، هجرة الشباب والكفاءات. خلال هذه السنوات، غادر عدد كبير من الشباب المتعلّم وأصحاب المهارات البلدة بحثًا عن فرص أفضل في الخارج أو في مناطق أخرى. هذه الهجرة حرمت كفرشيما من طاقة بشرية كان يمكن أن تشكّل محرّكًا أساسيًا لأي نمو اقتصادي، وتركَت خلفها مجتمعًا يشيخ اقتصاديًا.

رابعًا، ضعف الاستثمار المحلي. الخوف من المخاطرة، عدم الاستقرار العام، وغياب الحوافز، كلها عوامل جعلت المستثمرين المحليين يتردّدون في إطلاق مشاريع جديدة داخل البلدة. كثير من رؤوس الأموال وُضعت في العقارات أو حُفظت دون تشغيل فعلي، بدل أن تُستثمر في مشاريع منتجة توفّر فرص عمل وتُنشّط السوق.

خامسًا، تراجع الثقة العامة. الاقتصاد لا ينمو بالأرقام فقط، بل بالثقة. عندما يفقد الناس الثقة بالمستقبل، يقلّ الاستهلاك، وتتجمّد المبادرات، ويصبح الهدف الأساسي هو “الصمود” لا “التقدّم”. هذا المزاج العام انعكس بوضوح على الحركة الاقتصادية في كفرشيما، وجعلها تدور في حلقة مغلقة.

سادسًا، غياب التعاون الاقتصادي المجتمعي. خلال السنوات الماضية، بقيت المبادرات فردية ومحدودة، دون إطار تعاوني واسع يجمع التجار، الحرفيين، وأصحاب المهن ضمن رؤية مشتركة. الاقتصاد المحلي لا ينمو بالجهود الفردية فقط، بل بالشراكات والتكامل.

من المهم التأكيد أن هذا الواقع ليس قدرًا محتومًا. كفرشيما تملك موقعًا، تاريخًا، وطاقات بشرية قادرة على إحداث فرق إذا توفّر الحد الأدنى من التنظيم، التخطيط، والوعي الاقتصادي الجماعي.

في النهاية، السؤال الأهم ليس لماذا لم نتقدّم فقط، بل:
هل نريد أن يبقى اقتصاد كفرشيما كما هو لعشر سنوات أخرى، أم نبدأ اليوم بطرح أسئلة صعبة تمهّد لتغيير حقيقي؟
التقدّم يبدأ بالاعتراف بالواقع، ثم بفتح نقاش صريح ومسؤول حول مستقبل البلدة الاقتصادي.

إخلاء مسؤولية ::: هذا المقال يقدّم تحليلًا عامًا للواقع الاقتصادي في بلدة كفرشيما استنادًا إلى ملاحظات وتجارب عامة، ويهدف إلى فتح نقاش بنّاء حول أسباب الركود والتحديات القائمة، دون توجيه اتهام إلى أي جهة، شخص، أو مؤسسة بعينها. المحتوى يعكس وجهة نظر الكاتب ولا يُعد تقريرًا اقتصاديًا رسميًا أو استشارة مالية أو استثمارية. قد تختلف الآراء والتقديرات، ونرحّب بجميع المداخلات والتوضيحات التي تساهم في حوار مسؤول يخدم مصلحة البلدة وأهلها.