أراضي الكنيسة في كفرشيما: حين تُغلق الأرض ويُناقَض التعليم

إثارة نقاش مجتمعي هادئ حول إغلاق أراضي الكنائس في كفرشيما، وتسليط الضوء على التناقض بين هذا الواقع وتعاليم يسوع المسيح الداعية إلى الانفتاح، خدمة الإنسان، واحتضان الأطفال.

اقتصاد بلدة كفرشيما: بين الواقع اليومي وتحديات الغلاء

Kfarchima Community Team

12/17/20251 min read

في كفرشيما، كما في كثير من بلدات لبنان، تمتلك الكنائس مساحات واسعة من الأراضي التي وُهبت عبر الأجيال باسم الإيمان، وباسم خدمة الإنسان. هذه الأراضي لم تُعطَ لتكون مغلقة، ولا لتُعامل كأملاك خاصة معزولة عن الناس، بل كأمانة روحية واجتماعية في خدمة المجتمع، وخاصة الفئات الأضعف فيه.

اليوم، يطرح كثير من أبناء كفرشيما سؤالًا صريحًا لكنه مشروع: لماذا تُغلق أراضي الكنيسة في وجه الناس؟ ولماذا لا تُستخدم كمساحات عامة، حدائق، ملاعب للأطفال، أو أماكن لقاء آمنة للعائلات، في وقت يعاني فيه المجتمع من ضيق اقتصادي ونفسي خانق؟

إذا عدنا إلى جوهر تعليم يسوع المسيح، نجد أن الرسالة واضحة وبسيطة. يسوع لم يكن يومًا مع تكديس الأرض أو حبس الخير، بل مع فتح الأبواب. قال: «دعوا الأطفال يأتون إليّ ولا تمنعوهم»، ولم يقل يومًا: دعوهم يأتون إذا دفع أهلهم ثمن الدخول. روح الإنجيل قائمة على العطاء، المشاركة، والاحتضان، لا على الإغلاق والحواجز.

إغلاق أراضي الكنيسة في وجه المجتمع، وخاصة الأطفال، يتناقض مع هذه الروح. فالكنيسة، بحسب الإيمان المسيحي، ليست جدرانًا ولا أسوارًا، بل جماعة حيّة تخدم الإنسان حيث هو. حين تتحوّل الأرض إلى مساحة صامتة، مقفلة، لا حياة فيها، نفقد معناها الروحي، حتى لو بقيت مسجّلة باسم الكنيسة.

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان، لم يعد بمقدور كثير من الأهالي تأمين أماكن لعب مدفوعة لأطفالهم. هنا تبرز مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون إدارية. فتح أراضي الكنيسة كحدائق عامة أو ملاعب بسيطة لا يحتاج إلى استثمارات ضخمة، بل إلى قرار شجاع وإرادة صادقة في خدمة الناس.

الكنيسة، تاريخيًا، كانت ملجأ للفقراء، ومتنفسًا للناس، ومكانًا يشعر فيه الإنسان أنه غير مُستثنى. عندما تُغلق الأراضي، يشعر البعض—عن حق—أن هناك مسافة تتسع بين التعليم الذي يُعلَن، والممارسة على الأرض. وهذا أخطر ما يمكن أن تواجهه أي مؤسسة روحية: فقدان الانسجام بين الكلمة والفعل.

هذه المقالة ليست اتهامًا، ولا دعوة للصدام، بل دعوة للعودة إلى الجذور. إلى يسوع الذي مشى بين الناس، لا فوقهم. إلى الإيمان الذي يُقاس بقدر ما يفتح، لا بقدر ما يُغلق. إلى كنيسة تكون حاضنة للطفولة، لا عائقًا أمامها.

كفرشيما تستحق أن تكون نموذجًا: بلدة تُفتح فيها الأراضي باسم المحبة، ويُسمع فيها ضحك الأطفال بدل صمت الأقفال. فالأرض التي لا تخدم الإنسان، تفقد قدسيتها، أما الأرض التي تُعطي، فتصبح صلاة حيّة.

تنويه ::: هذا المقال يُعبّر عن رأي مجتمعي وتأمّل روحي-اجتماعي، ويهدف إلى فتح حوار بنّاء حول استخدام أراضي الكنائس في بلدة كفرشيما بما يخدم الإنسان والمجتمع، خاصة الأطفال والعائلات.
لا يهدف المحتوى إلى الإساءة أو التشهير بأي كنيسة أو مرجعية دينية أو شخص معيّن، بل إلى مقارنة واقع معيّن مع تعاليم يسوع المسيح كما وردت في الإنجيل، من منطلق إيماني واحترام كامل للدور الروحي للكنيسة.
جميع الطروحات الواردة تُقدَّم بحسن نية وبهدف الإصلاح والتقارب، ونرحّب بأي توضيح أو رد من الجهات المعنية في إطار الحوار الهادئ والبنّاء لما فيه خير البلدة وأبنائها.